top of page

صوتنا هو ملاذنا الوحيد في غياب العدالة.

  • Writer: Refugees in Libya
    Refugees in Libya
  • Jan 27
  • 6 min read
إن لعبة الجبن والألفاظ وتوجيه الأصابع في إيطاليا هي كما وصفها هذا الرسم التخطيطي. يقول ميلوني إن نورديو هو الذي قام بذلك بينما يقول هو إن القرار كان سياسيا. أما بالنسبة لبيانتيدوسي، فقد كان المصري يشكل خطرا اجتماعيا وأمنيا قوميا ولذلك طرده إلى ليبيا. لقد قام المصري، مثل رئيس الحكومة الإيطالية، بتحية أتباعه وركب طائرة حكومية متجهة إلى معيتيقة ـ مملكته!
إن لعبة الجبن والألفاظ وتوجيه الأصابع في إيطاليا هي كما وصفها هذا الرسم التخطيطي. يقول ميلوني إن نورديو هو الذي قام بذلك بينما يقول هو إن القرار كان سياسيا. أما بالنسبة لبيانتيدوسي، فقد كان المصري يشكل خطرا اجتماعيا وأمنيا قوميا ولذلك طرده إلى ليبيا. لقد قام المصري، مثل رئيس الحكومة الإيطالية، بتحية أتباعه وركب طائرة حكومية متجهة إلى معيتيقة ـ مملكته!

ما


بالنسبة لي، لم يكن المصري مجرد رجل واحد. إنه وجه آلاف الكوابيس التي أراها كل ليلة. إنه ظل نظام ينسب المعاناة إلى أشخاص مثلي وكأنها قدرنا. أصبح التعذيب موطني قبل أن أعرف حتى ما هو الوطن. لم أختر ذلك؛ لقد تم تسليمه لي، مثل الميراث، قبل أن أتمكن من التحدث، قبل أن أتمكن من المقاومة. كان غير قابل للتفاوض. لقد قرر العالم بالفعل كيف ستكون حياتي، ولم تكن حياتي منذ البداية.


لا أتحدث لأهاجم بل لأبقى على قيد الحياة. فقط من خلال التحدث أجد فتات العدالة في عالم حرمني من كل شيء آخر. صوتي هو الشيء الوحيد الذي لم يتمكنوا من أخذه، على الرغم من محاولتهم، مرارًا وتكرارًا. أتحدث لأنه يحررني، لأنه يذكرني بأنني ما زلت هنا، ما زلت إنسانًا، حتى عندما يصر العالم على أنني لست كذلك.

وهنا أتساءل مرة أخرى: ما هو ذنبي؟ هل هو أنني أعيش في عالم يعتبر وجودي فيه تهديدًا؟ أم أنني تجرأت على التذكر، وتجرأت على المطالبة بالعدالة عندما كان النسيان أسهل على الجميع؟


لا يتعلق هذا المقال بالمصري فحسب، بل يتعلق بالأنظمة التي تحمي رجالاً مثله بينما تلقي باللوم على أشخاص مثلي، ولام، وياسمين، وتشول، ومريم، وعدد لا يحصى من الآخرين. يتعلق المقال بخيانة العدالة، ولامبالاة الأقوياء، والثقل الذي لا يطاق الناتج عن النظر إليهم باعتبارهم مشكلة بدلاً من أن يكونوا أشخاصاً. لا أكتب لأتهم، بل لأذكر، لأذكر العالم بأن وراء هذه الإحصائيات، وخلف هذه القضايا، وتلك الأسماء الواردة في لوائح الاتهام، هناك أشخاص مثلي. أشخاص سُلبت منازلهم، وكرامتهم، وسلامتهم، والآن لا يملكون سوى أصواتهم.

إذا لم تكن العدالة لنا، فمن الذي يستحقها إذن؟ إذا لم يستطع العالم أن يرى آلامنا، فما الهدف من العدالة إذن؟


يقال إن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت كأساس للأمل للمضطهدين، وآلية لمحاسبة أولئك الذين يرتكبون أفظع الجرائم ضد الإنسانية. ولكن في قضية المصري، نرى أن هذا الأمل قد تحطم. إن قرار الحكومة الإيطالية باعتقاله، ثم إعادته إلى ليبيا، قرار لا يغتفر بالنسبة لي، ولروحي، ولذكريات الموتى.


إن بيان المحكمة الجنائية الدولية لا لبس فيه: فإيطاليا كانت ملزمة قانونياً بالتعاون الكامل مع المحكمة. وباعتبارها دولة طرفاً في نظام روما الأساسي، فإن إيطاليا ملزمة باعتقال وتسليم الأفراد الذين وجهت إليهم المحكمة الجنائية الدولية اتهامات. وهذا الواجب ليس اختيارياً، ولا يخضع للملاءمة السياسية. وكما اكتشفت فإن المادة 89 من نظام روما الأساسي تنص صراحة على أن الدول الأطراف ملزمة بالامتثال لطلبات الاعتقال والتسليم دون تأخير. ولم تفشل إيطاليا في الامتثال فحسب، بل تصرفت في تناقض مباشر مع التزاماتها.


ويكشف البيان أن إيطاليا كانت على علم بوجود المصري في تورينو، وتم التنسيق معها وتزويدها بمعلومات فورية عن ذلك. وقد بذل قلم المحكمة ومكتب المدعي العام جهوداً كبيرة لضمان حصول إيطاليا على كل الموارد اللازمة للوفاء بالتزاماتها. بل إن المحكمة أرجأت التعليق العام بناء على طلب الحكومة الإيطالية لحماية العملية القانونية المحلية. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الجهود، اختارت إيطاليا من جانب واحد تحدي التزاماتها، فأطلقت سراح المصري وسهلت عودته إلى ملاذه الآمن حيث سيواصل ممارسة سلطته وإلحاق المعاناة بالمواطنين الليبيين وأمثالهم.

مع انتزاع بيانتيدوسي وإدارة ميلوني للعدالة منا، لم يتبق لنا سوى صوتنا. لقد أجبرنا غياب العدالة على البحث عن ملاذ وعدالة في كلماتنا.
مع انتزاع بيانتيدوسي وإدارة ميلوني للعدالة منا، لم يتبق لنا سوى صوتنا. لقد أجبرنا غياب العدالة على البحث عن ملاذ وعدالة في كلماتنا.

إن تبرير الوزير بيانتيدوسي بأن المصري "يشكل خطراً على الشعب الإيطالي وأمنه الوطني" هو جبن وإهانة في الوقت نفسه. فإذا كان المصري يشكل خطراً كبيراً على إيطاليا، فكم هو أشد خطورة على الشعب الليبي والمهاجرين الذين استعبدهم وعذبهم وقتلهم؟ إن هذه الحجة لا تكشف عن أي اهتمام بالعدالة، بل عن اللامبالاة غير الصادمة بحياة غير الأوروبيين. ومن خلال إعادة المصري إلى ليبيا، ضمنت إيطاليا أن شبكته الإجرامية سوف تتوسع، وأن ضحاياه سوف يظلون صامتين، وأن الجرائم التي ارتكبها سوف تمر دون عقاب.


في حين أن العديد من الناس غاضبون من هذه الخيانة، فقد وجه آخرون غضبهم ضد الضحايا. إنهم يتساءلون: "كيف نعرف أنهم يقولون الحقيقة؟" وكأن الألم الذي نشعر به ليس دليلاً كافياً، وكأن الندوب التي نحملها قد تكون كاذبة. هذا الشك قاسٍ، لكنه ليس جديدًا. إنه نفس الشك الذي يحمي الظالمين ويسكت المظلومين. إن استجوابنا الآن هو بمثابة الوقوف إلى جانب الرجال الذين حطمونا. إنه لإخبارنا بأن إنكار معاناتنا أسهل من مواجهة جرائمهم.


وبموجب نظام روما الأساسي، لا تعد إيطاليا مجرد مراقب سلبي، بل إنها مشاركة فعالة في تفويض المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية. ويلزم النظام الأساسي جميع الدول الأعضاء بما يلي:


  1. تنفيذ أوامر الاعتقال: كان لزاماً على إيطاليا أن تحتجز المصري وتسلمه إلى المحكمة الجنائية الدولية دون تأخير.

  2. استشارة المحكمة الجنائية الدولية: إذا واجهت إيطاليا أي مشاكل قانونية أو عملية في تنفيذ مذكرة التوقيف، فإنها ملزمة بالتشاور مع المحكمة الجنائية الدولية على الفور، وفقاً للمادة 97. ولم يتم إجراء أي استشارة من هذا القبيل قبل إطلاق سراح المصري.

  3. حظر الملاذ الآمن: تلتزم إيطاليا، مثلها كمثل جميع الدول الأطراف، بموجب القانون الدولي بضمان عدم تحول أراضيها إلى ملجأ للمتهمين بارتكاب جرائم دولية. وبإعادتها للمصري إلى ليبيا، انتهكت إيطاليا هذا المبدأ الأساسي.


إن هذه ليست أحكاماً قانونية مجردة، بل هي ركائز نظام يهدف إلى حماية الضعفاء ومحاسبة الأقوياء. وقد أدت تصرفات إيطاليا إلى تقويض هذه الركائز، وإضعاف قدرة المحكمة الجنائية الدولية على العمل وتشجيع مجرمي الحرب في مختلف أنحاء العالم.


ولكن أوروبا تظل صامتة. ولم تتحدث ألمانيا أو مالطا أو فرنسا أو مفوضية الاتحاد الأوروبي. إن صمتهم ليس بريئا. بل هو اختيار. وهذا الصمت ليس بلا سبب. إن علاقات أوروبا بليبيا غارقة في الملاءمة السياسية والنهب الاقتصادي والعنصرية المؤسسية المقنعة بـ"إدارة الهجرة". وأجرؤ على التساؤل: إلى متى تستطيع أوروبا أن تختبئ وراء هذا الصمت قبل أن تمزق القيم التي تدعي أنها تدافع عنها؟


إن هذا يعني أن ضحايا المصري لا يهمون. وأن العدالة لا تهم. وإذا فشلت إيطاليا وحدها، فقد يدينونها. ولكن صمتهم يوحي بأنهم أيضاً لديهم ما يخفونه. إننا نعيش هنا في أوروبا، ونؤمن بوعدها بحقوق الإنسان، ولكن صمتهم يخبرنا بأننا لسنا جزءاً من هذا الوعد. ويخبرنا بأن العدالة للآخرين، وليس لنا. فماذا يعني أن نعيش في ظل نظام يرسم الحدود ليس فقط حول الدول، بل وحول العدالة نفسها؟ إن القول بأن العدالة للآخرين يعني أن حياتنا ليست حياة على الإطلاق، بل هي تضحيات، قدمناها دون موافقة، من أجل الحفاظ على نظام لم يُبنى لنا قط.

المصري يستقل طائرة حكومية عائداً إلى ليبيا هرباً من العدالة. 21 يناير 2025
المصري يستقل طائرة حكومية عائداً إلى ليبيا هرباً من العدالة. 21 يناير 2025

ولكن ماذا يعني أن تعتقل حكومة مجرم حرب ثم تعيده إلى الأرض التي ارتكب فيها فظائعه؟ إن هذا يعني أن العدالة لم تعد تتعلق بالضحايا، بل أصبحت تتعلق بالملاءمة. وهذا يعني أن مبادئ المساءلة وسيادة القانون قابلة للتفاوض عندما تقارن بالمصالح السياسية.


وبصفتي ضحية لوحشية المصري، لا أستطيع أن أقبل هذا. لا أستطيع أن أقبل عالماً يتم فيه تجاهل أصوات الناجين، وحيث تخون الحكومات التزاماتها، وحيث يتم التضحية بأرواح المضطهدين على مذبح اللامبالاة. إن تصرفات إيطاليا لم تحرم ضحايا المصري من العدالة فحسب، بل أرسلت أيضاً إشارة خطيرة إلى مرتكبي الفظائع الآخرين: النظام سوف يحميك إذا كان لديك الاتصالات الصحيحة والموقع المناسب.


إن العدالة ليست مجرد مفهوم قانوني، بل هي التزام أخلاقي، وعقد اجتماعي، ومقياس لإنسانيتنا. وكل صفقة تبرمها أوروبا مع ليبيا هي بمثابة ميثاق مع المعاناة والموت، وتسوية تستبدل الأرواح البشرية بالمصالح السياسية.


يزعمون أن هذه الاتفاقيات تحمي الحدود، لكنهم لا يذكرون من هم الذين ضحوا بحياتهم من أجل ذلك. هذه الاتفاقيات تغذي الشبكات التي تستعبد وتعذب وتقتل. إنها مبنية على ظهور الضعفاء، ولابد أن تنتهي. يتعين على إيطاليا، وكل أوروبا، أن تقطع علاقاتها مع ليبيا الآن. ويتعين عليها أن تطالب بتسليم المصري إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأي شيء أقل من ذلك هو خيانة للعدالة، وخيانة للإنسانية، وخيانة لكل حياة دمرها هذا النظام.

وتزعم ميلوني أن حكومتها لم تكن هي التي هربت المصري من العدل في طائرة مملوكة للدولة، بل محكمة روما برئاسة نورديو!
وتزعم ميلوني أن حكومتها لم تكن هي التي هربت المصري من العدل في طائرة مملوكة للدولة، بل محكمة روما برئاسة نورديو!

يتعين على الحكومة الإيطالية أن تحاسب على أفعالها. ويتعين عليها أن تشرح لماذا اختارت تحدي المحكمة الجنائية الدولية، ولماذا تخلت عن التزاماتها بموجب نظام روما الأساسي، ولماذا أعطت الأولوية للمصلحة السياسية على حساب الأرواح البشرية. ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يسمح لهذه الخيانة بالبقاء دون مواجهة.

لقد سلبنا بيانتيدوسي العدالة.
لقد سلبنا بيانتيدوسي العدالة.

إننا نحن الضحايا نطالب الوزير بيانتيدوسي بتسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية، لأنه لم يفعل أقل من تهريب المصري بعيداً عن العدالة. إن أفعاله تشكل خيانة ليس فقط للقانون الدولي بل ولكل مبادئ الإنسانية. ونحن نسأل الشعب الإيطالي: ما هي المحاسبة التي ستطالبون بها من بيانتيدوسي، الرجل الذي ارتكب هذه الجريمة التي لا تغتفر باسمكم؟ هل ستسمحون لهذه الخيانة بالمرور دون أي محاسبة، أم ستقفون إلى جانب العدالة وتجعلونه يحاسب على تواطئه؟

يقول كارلو نورديو أن الخطأ لم يكن خطأه بل كان القرار السياسي لحكومته!
يقول كارلو نورديو أن الخطأ لم يكن خطأه بل كان القرار السياسي لحكومته!

ونحن، مع الشعب الإيطالي والأوروبي الذي يقدّر العدالة، نطالب كارلو نورديو بالاستقالة فوراً. فهو لم يخن قسمه على أداء واجبه على أكمل وجه فحسب، بل إنه في الحقيقة جعل نفسه متواطئاً في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها المصري. إن أفعاله أو افتقاره إلى الشجاعة تشكل وصمة عار على جبين العدالة ولا ينبغي أن تمر دون محاسبة.

صوتنا: ملاذنا، عدالتنا!
صوتنا: ملاذنا، عدالتنا!

 
 
 

HELPLINE FORM
نموذج خط المساعدة

The below form is only resolved for migrants and Refugees.
النموذج أدناه مخصص للمهاجرين واللاجئين فقط
Le formulaire ci-dessous est uniquement destiné aux migrants et aux réfugiés.

Date of birth/تاريخ الميلاد/Date de naissance
Month
Day
Year

Book of Shame 2025 Vol. I. .pdf

Donate with PayPal
  • Twitter
  • Instagram
  • Facebook
  • LinkedIn
  • YouTube
bottom of page